وسط صيحات "ييلا - ييلا" -- تحرك على طول! -- سائق عربة محملة بالفستق الحلبي جعل الحشود تتفرق في سوق في مدينة حلب في العصور الوسطى. بهذه العبارة بدأ الصحفي ليونيل مقالته عن مدينة حلب في مجلة " ذا نيويورك تايمز " .

ووصف حلب بانها ليست مدينة غريبة ابدا فقد جعلها كل من لورنس العرب ، أغاثا كريستي وتشارلز ليندبيرغ مدينة معروفة ونقطة واضحة في الشرق الاوسط، وان تحسن الاحوال السياسية بين سوريا وواشنطن فتحت الطريق امام الزوار الامريكين لاكتشاف هذا المركز التجاري القديم، والاستفادة من الاسعار المنخفضة وتذول طعم المطبخ الحلبي"

وتابع " في منتصف شهر رمضان المبارك، وقبيل ساعات من الافطار، اكتظ السوق بالنساء المحجبات باللون الاسود وبعض الرجال ممن يرتدون الكوفية، ولعل ما اعجبه رائحة زيت الزيتون والصابون البلدي المصنوع باليد ورائحة التوابل داخل المخازن "

اضاف " الذي يجعل حلب فريدة من نوعها هي انها مزيج من التاثيرات العثمانية والأرمنية واليهودية بالاضافة الى الفرنسية، نظرا لموقعها التاريخي على مفترق طرق الإمبراطوريات، َاختلطت المساجدُ المقبّبةُ الناصعةُ الخضراءُ بالكاثدرائياتِ الأرمنية والكنائس المارونية وحتى الكنيس اليهودي. والتي تتوضع وسط بساتين الزيتون وأطلال المدن الميتة ما يجعلها في الاذهان مشهد من "الف ليلة وليلة".

وتابع " وتعتبر حلب السوق الاكثر روعة في العالم العربي، فهي شبكة مترامية الأطراف مؤلفة من ممرات ضيقة صاخبة والدكانين و التي " على مدى القرون السبعة الماضية " ضمت كل نوع من أنواع التوابل ، حلو ، والصابون ، والحرير ، والفواكه المجففة والسجاد والمعادن والمجوهرات. وحتى اذا اردت اان تتساءل ماهو شكل لحم الإبل او كيف هي رائحته ما عليك سوى التجول في قسم الجزارين. وسوق حلب على عكس الاسواق في اسطنبول او القاهرة فهي سوق فعلية وليست فخا سياحيا "

وتابع " سوق حلب هو مدينة في حد ذاته، فالنول القديم بدوره يحول الغزل الى منسوجات ملونة واصوات الببغاء المتعالية في أقفاص ، والاجمل هي ممازحة اصحاب المحلات ورمي بعض الفكاهة له بسواله " كيف حالك " " من اين انت " باللغة الانكليزية.

واضاف " أفضل وقت لزيارة المدينة القديمة في حلب قد يكون في الصباح الباكر، عندما يتم اغلاق الدكاكين عندها تصبح الأبواب الخشبية المنحوتة والمنقوشة مرئية. في هذه الساعة ، وفي شوارع المدينة يعم الصمت وتعلو فقط الموسيقى العربية من صالون حلاقة مجاور ، وأنماط الأزهار من الشرفات المغلقة تصبح مصدر الاهتمام، بعد الزيارةِ الإلزاميةِ إلى المسجدِ الكبيرِ، يظهر طوقِ الحجارةِ السوداء والبيضاءِ لفَحْص فناءاتِ خانِ حلب (حانات)، المليئة بأشجارِ الحمضياتَ والياسمينَ. او يتسيق جسر الصخور إلى الحصنِ، لتتوضع قلعة انجزت في القرن الثالث عشر فيها معبد، زنزانة ومسجدان وقصر وحمامات ".

ووصف كاتب المقال "ليونيل بينر" سوق المدينة بأنه الأروع بين أسواق العالم العربي والذي على مدى سبعة قرون احتوى جميع أنواع التوابل والحلوى والصابون والحرير والفواكه المجففة والسجاد والحديد والجواهر والنرجيلة ، معتبراً أن مايميزه عن باقي الأسواق في المنطقة أنه "ليس فخاً لسياح بل سوق حقيقي" وأن هذا السوق مدينة قائمة بحد ذاتها.

وقسمت المقالة مركز المدينة إلى ثلاثة أقسام: المدينة القديمة والمدينة الجديدة ومنطقة "الجديدة"، أما المدينة الجديدة فيرى الصحفي أنه على السائح زيارة فندق بارون الذي بني عام 1911 ومنطقة العزيزية التي تغص بالشباب والمقاهي والمطاعم، أما أجمل منطقة في مركز المدينة بحسب الصحفي فهي ساحة الحطب في منطقة الجديدة حيث يركل أولاد كرة قدم في الساحة بينما يلعب الرجال طاولة الزهر حتى ساعات متأخرة من الليل وتتباهى هذه المنطقة بأفضل مطاعم مدينة حلب على جنبي أزقة الحارة القديمة.

ويرى الصحفي أن المطبخ الحلبي يعكس تاريخ المدينة المتنوع ، حيث جرت العادة أن تطلب حوالي نصف دزينة من الأطباق المختلفة في جلسة واحدة ومن مناطق مختلفة والتي قد تشمل أطباق المقبلات من الجوز المهروس مع الفلفل الحار ووجبات رئيسية من السجق والكبة ، مشيراً إلى الطراز الجديد من المطاعم المبنية على أسطح البيوت القديمة والتي تحول بعضها إلى فنادق جميلة.

واعتبر البروفسور الأمريكي والخبير في الشؤون السورية "جوشوا لاندس" أن البنية التحتية للسياحة تتحسن بشكل جذري، و اظهرت الفنادق والمطاعم الجديدة فرص الاستثمار في مدينة حلب القديمة ، حيث أن المهم هو الاستثمار الآن قبل أن يتهافت المستثمرون الآخرون